الدرس في كتاب الطهارة 3، ألقاها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحمد كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ثم أما بعد:
قالوا: "أولاً: كتاب الطهارة". والكتاب لغة كما يذكر أهل اللغة من "كتب" يكتب كتباً، وهو بمعنى الضم والجمع، ومنه سميت الكتيبة كتيبة للجنود المجتمعين. وكذلك يقال في المكتوب بالأقلام أنه كتب، وكذلك كتاب بهذا الاعتبار، لأنه تنضم فيه الحروف بعضها إلى بعض، والكلمات بعضها إلى بعض. ولهذا يذكر العلماء رحمهم الله تعالى هذا المعنى: "كتاب كذا وكذا"، كتاب يعني كتاب اسم عام، ثم ربما ذكروا ضمن هذا الكتاب كتباً كما هو الحال في هذا الكتاب. فاسم الكتاب "الفقه الميسر" ويتضمن عدة كتب. والكتاب كذلك في اصطلاح أهل الاصطلاحات يطلق على ما يضم مسائل متعددة وأبواب متعددة، فيسمى كتاباً، وربما ضم كذلك فصولاً متعددة. فيقال: كتاب كذا وكذا، مثلاً: كتاب الطهارة، كما هو الحال عندنا. فيتضمن هذا الكتاب أبواباً، وربما بعضهم ذكر مسائل، وربما ذكر بعضهم فصولاً، وربما ذكر بعضهم فروعاً وما شابه ذلك. فالحاصل أنه يضم تحته مجموعة من المسائل.
قالوا: "أولاً: كتاب الطهارة". وسيأتي معنا بإذن الله جل وعلا الكلام على تعريف الطهارة لغة وشرعاً. قالوا: "ويجتمل على عشرة أبواب". أي هذا الكتاب يجتمل على عشرة أبواب:
- الباب الأول: في أحكام الطهارة والمياه.
- الباب الثاني: في الآنية.
- الباب الثالث: في قضاء الحاجة وآدابها.
- الباب الرابع: في السواك وسنن الفطرة.
- الباب الخامس: في الوضوء.
- الباب السادس: في المسح على الخفين والعمامة والجبيرة.
- الباب السابع: في أحكام الغسل.
- الباب الثامن: في أحكام التيمم.
- الباب التاسع: في أحكام النجاسات وكيفية تطهيرها.
- الباب العاشر: في الحيض والنفاس.
قالوا: "الباب الأول: في أحكام الطهارة والمياه". وفيه عدة مسائل:
- المسألة الأولى: في التعريف بالطهارة وبيان أهميتها وأقسامها.
- الطهارة هي مفتاح الصلاة، وآكد شروطها. والشرط لا بد أن يتقدم على المشروط. فقولهم أهمية الطهارة وأقسامها: أي ما هي الأهمية والفضيلة في الطهارة. فذكروا من هذا أنها مفتاح الصلاة. وهذا لما جاء في الحديث الشريف: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ". فلا بد من الطهارة قبل أداء الصلاة.
قالوا: "والطهارة على قسمين":
- القسم الأول: طهارة معنوية، وهي طهارة القلب من الشرك والمعاصي وكل ما ران عليه، وهي أهم من طهارة البدن. لا يمكن أن تتحقق طهارة البدن مع وجود نجاسة الشرك، كما قال تعالى: "إنما المشركون نجس".
- القسم الثاني: طهارة حسية، وسيأتي تفصيل القول فيها لاحقاً.
ثم قالوا: "تعريف الطهارة":
- وهي في اللغة النظافة والنزاهة من الأقدار، سواء كانت أقداراً نجسة أو مستقبحة. أما في الاصطلاح، فهي رفع الحدث وزوال الخبث.
رفع الحدث يقصد به إزالة الوصف المانع من الصلاة باستعمال الماء في جميع البدن إن كان الحدث أكبر، وإن كان حدثاً أصغر يكفي مروره على أعضاء الوضوء بنية. وإذا فقد الماء أو عجز عنه، استعمل ما ينوب عنه وهو التراب على الصفة المأمور بها شرعاً.
أما زوال الخبث، فهو زوال النجاسة من البدن والثوب والمكان.
وذكروا أيضًا أن الحدث على نوعين:
- حدث أصغر، وهو ما يجب به الوضوء.
- وحدث أكبر، وهو ما يجب به الغسل.
أما الخبث، فقالوا أنه على ثلاثة أنواع:
- خبث يجب غسله، مثل بول الإنسان.
- خبث يجب نضحه، مثل بول الطفل الرضيع الذكر.
- وخبث يجب مسحه، مثل النجاسة على النعال.
أشاروا إلى قاعدة أخرى: العبرة بإزالة النجاسة بإزالة عينها بأي شيء مشروع. فإن زالت النجاسة بأي طريقة، فإنه يعتبر تطهيراً.
والله تعالى أعلى وأعلم. وسبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.