الدرس في كتاب الطهارة 30، ألقاها
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
ثم أما بعد: ما زلنا في الباب العاشر من أبواب الطهارة، في باب الحيض والنفاس. وأخذنا ما يسر الله جل وعلا من المسائل في الدرس السابق، وتوقفنا عند المسألة السادسة.
قالوا: المسألة السادسة: أقل النفاس وأكثَرُه. أي: ما هي المدة التي هي أقل مدة للنفاس وأطول مدة له. والنفاس كما تقدم معنا هو خروج الدم في قول بعضهم بعد الولادة، وفي قول البعض الآخر، أي من الفقهاء، عند الولادة وبعدها، فالكل يُسمى نفاسًا. وهذا أعم من الأول.
قال المسألة السادسة: أقل النفاس وأكثَرُه. قالوا: لا حد لأقل النفاس؛ لأنه لم يرد فيه تحديد، فرجع فيه إلى الوجود، وقد وجد قليلاً وكثيرًا. أي: أقل النفاس لا مدة له، ولا حد له، بل العبرة بذلك بالوجود. فإذا وُجد النفاس في امرأة لمدة مثلاً عشرين يومًا، قيل: هذا أقله بالنسبة لها. أخرى عشر، خمس، ثلاث. وقد وُجد هذا. بل ذكر الفقهاء أن بعض النساء ربما ولدت وليس يخرج منها شيء من الدم، بل يخرج الولد ولا يخرج بعده الدم. فإذا كان كذلك، تغتسل وتصلي. إذن لا مدة لأقل الحيض، ولا مدة كذلك لأكثره.
هذا باعتبار أقل الحيض. وبالنسبة لأكثره قالوا: وأكثره أربعون يومًا. قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم على أن النفساء تدعو الصلاة أربعين يومًا، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فتغتسل وتصلي. ولحديث أم سلمة: "كانت النفساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تجلس أربعين يومًا".
طيب، أولاً بالنسبة للحديث، حديث أم سلمة، فكما ذكر المحققون في الحاشية أن العلامة الألباني رحمه الله تعالى يضعف الحديث؛ لأنه من طريق مِسة أم بسة، وهي من قالوا عنها: مجهولة، ومن قال: لا يُحتج بها، ومن جعلها في رتبة الاعتبار، أي في رتبة الشواهد والمتابعات. وهذا قول لعله أعدلها. فإذا لا يصح حديثها. وقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى للحديث شواهد، والشواهد هي كذلك محل اجتهاد ونظر. فروي نحو حديث أم سلمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بإسناد محتمل، أي محتمل لأن يكون في الشواهد والمتابعات، ومحتمل أن لا يكون كذلك. وكذلك روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا أيضًا بنحو حديث أم سلمة رضي الله عنهم جميعًا. وكذلك حديثه محتمل لأنه من طريق أشعث بن سوار، حديثه بين الضعف والضعف الشديد. كما أن رواية حديث جابر من طريق زيد بن الحواري العَمي، وكذلك حديثه دائر بين الضعف الشديد والضعف.
فمن نظر إلى هذه الأحاديث ورأى أنها بمجموع طرقها ترتقي إلى الحسن، يُحسن الحديث. ومن رأى بأن الحديث لا يرتقي، بقي على أن الحديث ضعيف. والأمر، كما سمعتم وترون، محتمل. الأمر محتمل.
هذا أمر. الأمر الثاني: قولهم: قال الترمذي: "أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" إلى آخره. الإجماع نقله غير واحد، نقله الإمام الترمذي كما هنا، ونقله كذلك الإمام إسحاق بن راهويه، وغيرهم من الأئمة رحمهم الله تعالى. ولكن قوله رحمه الله: "ومن بعدهم"، هذا فيه نظر. بل الصواب أن الخلافة في المسألة مشهور. وقد ذكر من ذكر من الفقهاء في المسألة سبعة أقوال. ذكر من ذكر من الفقهاء في المسألة سبعة أقوال، وهذا أشهرها. هذا القول أشهرها، أي أن أكثر المدة أربعين يومًا. ومنهم من ذكر خمسين يومًا، ومنهم من ذكر ستين يومًا، ومنهم من ذكر سبعين يومًا، ومنهم من أنقص عن هذا العدد. وأشهر الأقوال إلى جانب هذا القول المذكور، أي القول بأربعين يومًا، القول بأنه لا حد لأكثر النفاس، ولا حد لأقله، وهو قول طائفة من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. ولعله الأقرب، ولعلهم الأقرب، إذ أن القول بالتحديد يحتاج أولًا إلى دليل واضح صريح، إلى دليل صحيح صريح.
فإن قيل: فما تقولون في حديث أم سلمة ونحوه؟ فالجواب: أن الحديث على فرض صحته، إلى جانب الإجماع، فإنه يحمل على صور معينة. يحمل على صور معينة. إما أن يحمل على المرأة المستحاضة التي لا تميز بين الدم والنفاس، أو مستحاضة لم تميز بين الدم والنفاس، فيقال لها: أعلى مدة أربعين يومًا. بعد الأربعين يومًا، اغتسلي وصلي. واضح؟ أو يحمل كذلك على نساء مخصوصات، أن النفاس في زمانهن، في هؤلاء النساء المخصوصات، كان على هذا الوصف، أن المرأة منهن تمكث أربعين يومًا. فكانت أم سلمة وغيرها ممن نقل هذا، أخبرت بحسب علمها، أخبرت ونقلت بحسب علمها. وذُكر توجيهات أخرى في هذا المعنى.
قد يقول قائل: لماذا هذه التأويلات ولا يقال بالظاهر، أن أعلى مدة هي أربعين يومًا؟ فالجواب: أن هذا الأمر من حيث النظر والتأمل الصحيح يجده الإنسان أنه لا يتوافق مع قواعد الشريعة، لا يتوافق مع القواعد العامة من الشريعة. من ذلك أن من قواعد الشريعة العامة ألا يُفرق بين مجتمع، ولا يُجمع بين مختلف. فإذا نظرنا إلى هذا الأمر: امرأة الدم على وصفه، أكملت الأربعين يومًا، ودخلت في اليوم الواحد والأربعين، والدم على وصفه. كيف نقول لها: اغتسلي وصلي؟ ويحل، لكن ما يحل لغير النفس بأي دليل؟ واضحة، جماعة؟ والدم المستمر بها، الدم الذي كان في الأربعين هو الدم الذي بعد الأربعين، مستمر على ذلك الوصف. بأي دليل نستطيع أن نقول بأن ما كان في الأربعين فهو نفاس، وما بعد الأربعين لا يعد نفاسًا، ولا سيما أن الوصف هو الوصف؟ فهذا، كما هو واضح وظاهر، يُبين لنا شيئًا من هذه المسألة. يعني يوضح هذا الأمر لنا شيئًا من هذه المسألة، فالنساء يختلفن في مسألة النفاس من حيث القلة أو الكثرة.
إذا كان، ومن كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، أنه قال بأن العبرة بالوجود، أن العبرة في النفاس بماذا؟ بالوجود، قلة أو كثرة. إذا وجد الدم واستمر الدم المعروف على صفته المعروفة، فإنها نفساء. إذا انقطع الدم، انتهت أحكام النفاس. قلة المدة أو كثرة. قلة المدة أو كثرة.
ثم يقال كذلك، من باب، كما يُقال، يعني إن قيل: فما تقولون في حديث أم سلمة؟ وكذلك في الإجماع المنقول؟ فيقال: ألستم تقولون بأنه لا أقل لمدة النفاس؟ واضحة، جماعة؟ لا؟ فكذلك قولوا بأنه لا مدة لأكثره، إذ أنكم لم تعملوا بهذا الحديث باعتبار أقل المدة، وعملتم به باعتبار أكثر المدة. ففرقتم بين أقل المدة وبين أكثرها، والحديث عام. واضحة، جماعة؟ لا؟
يعني من قال بأن النفساء تجلس أربعين يومًا، نقول له: كانت النفساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تجلس أربعين يومًا، لا أقل ولا أكثر. فكون الإنسان يُفرق بين الأقل، فيقول: لا مدة له، ولا يستدل بالحديث، وباعتبار الأكثر، فيقول له: مدة وهي أربعين، ويستدل بالحديث، يكون ماذا؟ يكون عمل بالحديث طارة، ولم يعمل بالحديث طارة أخرى. فما كان من جواب على عدم العمل بالحديث بجانب المدة، يعني أقل المدة، يكون جوابًا ومن قال بأنه لا مدة لأكثرها. واضحة، جماعة؟ لا؟
فالحاصل من هذا، والله تعالى أعلى وأعلم، أنه لا حد ولا مدة لأقل النفاس، ولا لأكثره، بل العبرة بوجود الدم، كثُر أو قلّ. والله تعالى أعلى وأعلم.
المسألة السابعة في دم المستحاضة: قالوا: الاستحاضة سيالان الدم في غير وقته، على سبيل النزيف، من عرق يسمى العاذل. بمعنى أن الاستحاضة خروج الدم على جهة المرض، بخلاف الحيض، فهو خروج الدم على جهة الصحة، وليس أنه دم طبيعة وجِبلة، بخلاف دم الاستحاضة، فإنما هو دم مرض، يكون كما يسمى اليوم بالنزيف، يخرج من فرج المرأة. طيب.
قالوا: ودم الاستحاضة يخالف دم الحيض في أحكامه وفي صفته، وأنه لا يحرم شيئًا مما يحرمه دم الحيض، من ترك الصلاة، عدم جواز الصلاة، عدم جواز الصوم، عدم جواز إتيان الزوج، إلى غير ذلك من الأحكام التي قد ذكرت. وفي صفته أيضًا، صفته غير صفة الحيض. قالوا: وهو عرق ينفجر في الرحم، سواء كان في أوقات الحيض أو غيرها، ولا يمنع الصلاة، ولا الصيام، ولا الوطء؛ لأنها في حكم الطاهرات، لأن المرأة المستحاضة في حكم الطاهرات، فيجب عليها أن تصلي وأن تصوم في شهر رمضان، ويجوز لزوجها إتيانها.
قالوا: ودليلهم حديث فاطمة بنت أبي حبيش: "قالت: يا رسول الله، إني أستحاض، فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال: إن ذلك عرق، وليس بالحيضة. فإذا أقبلت الحيضة، فادعي الصلاة، فإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم وصلي." والحديث، كما ذكر بالحاشية، متفق عليه، وهو من حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها. يستفاد منه أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة، فقال في دم الاستحاضة حينما سألته: "هل تدع الصلاة لأجله؟" فقال: "لا، إن ذلك عرق، وليس بالحيضة."
إذن، هنا فرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة. فيجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة، وعند الاستحاضة تغسل فرجها، وتجعل في المخرج قطنًا ونحوه، يمنع الخارج، وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط. قالوا: ويغني عن ذلك الحفائظ الصحية في هذا الوقت. ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة.
طيب، فالحاصل، كما ذكر، أن المرأة المستحاضة حكمها حكم الطاهرات، حكمها حكم الطاهرات. تصلي كما تصلي الطاهرات، وتصوم كما تصوم، وتعمل كما تعمل الطاهرات، وليس حكمها كحكم المرأة الحائض. طيب.
قالوا: والمستحاضة لها ثلاث حالات. الحالة الأولى أن تكون لها عادة معروفة، بأن تكون مدة الحيض معلومة لديها قبل الاستحاضة. فهذه تجلس قدر عادتها، وتدعو الصلاة والصيام، وتعد حائضًا. فإذا انتهت عادتها، اغتسلت، وصليت، وعدّت الدم الخارج دم الاستحاضة. لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: "قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسل وصلي." طيب.
الحالة الثانية، قبل الحالة الثانية، يعني المستحاضة، كما ذكر، لها ثلاث حالات. المرأة المستحاضة، كما ذكر، لها ثلاث حالات. الحالة الأولى، وبعض أهل العلم ذكر أربع حالات. الحالة الأولى، أن تكون عندها عادة معلومة، وكذلك تمييز. قد يقول قائل: ما معنى العادة؟ وما معنى التمييز؟ فالجواب: العادة، كما قال من قال من أهل العلم، هو مجيء دم الحيض بالنسبة للمرأة في أوقات معلومة. وهذا تعلمه النساء. يعني مثلًا، امرأة تعلم أن الحيض يأتيها من أول الشهر إلى سابع يوم الشهر. الثاني، من أول يوم إلى سابع يوم. الثالث، من أول يوم إلى سابع يوم. تُسمى هذه المرأة ماذا؟ معتادة. لماذا؟ لأن الدم عاودها في زمن محدود. في زمن محدود. فيقال لها امرأة حيضها عندها عادة للحيض. وكما ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أن أقل ما يُقال للمرأة بأن لها عادة، أن يعاودها الدم أكثر من مرة في وقت معلوم، لأن في اللغة يُطلق المعاودة على تكرار الشيء، وأقله مرتين. والإمام أحمد رحمه الله تعالى قال، أو ذكر عنه أنه قال، يُقال للمرأة بأن لها عادة، إن عاودها الدم في وقت معلوم مرتين أو ثلاثًا، مرتين أو ثلاثًا. هذه المرأة يُقال لها بأنها ماذا؟ معتادة، وعندها عادة.
والمرأة المميزة، المرأة المميزة، أي المميزة لدم الحيض، هي المرأة التي تميز دم حيضها بأوصافه المعلومة المشهورة. أن يكون أسود، تخين، ذا رائحة نتنة. فهذا يُسمى، هذه المرأة، إذا جاءها الدم بهذه الأوصاف، يُقال بأنها ماذا؟ مميزة.
فالعلماء رحمهم الله تعالى ذكروا في هذه المسألة. قالوا: المرأة إما أن تكون معتادة أو مميزة. ومنهم من ذكر، كما سمعتم، صورًا أربع، فقالوا: المرأة قد تكون يعني، أصف المرأة، أن تكون إما معتادة، وإما مميزة. قالوا: فإن اجتمع في المرأة الأمران، أن تكون مميزة وأن تكون معتادة، وهي مستحاضة في نفس الوقت، فماذا تصنع؟ الجواب أنه باتفاق العلماء، تمكث قدر الأيام التي كانت تحيض فيها. لماذا؟ لأن التمييز والعادة قد اجتمع في تلك المرأة. هذه الصورة الأولى.
الصورة الثانية، أن يجتمع، أو أن ينفرد عند بعض النساء، عادة أو تمييز. إما أن تكون معتادة، عندها عادة، أو أن يكون عندها تمييز. قالوا: فإن كان عندها عادة، عملت بالعادة. واضحة، جماعة؟ في هذا، نحن الكلام في المرأة المستحاضة، يخرج منها الدم المستمر، فماذا تصنع؟ إذا كان لها عادة، رجعت إلى عادتها. ما معنى ترجع إلى عادتها؟ يعني يُقال لها: إذا كانت عادتك قبل الاستحاضة، أن الحيض يأتيك من أول الشهر إلى اليوم السابع من الشهر، أمكثي هذه المدة. بعد أن تنقضي هذه المدة، اغسلي عنك الدم، واغتسلي، وصلي. واضحة، جماعة؟ أم لا؟ هذه الصورة الأولى، وهي التي ذكرها هنا.
أن تكون لها عادة معروفة، بأن تكون مدة الحيض معلومة لديها قبل الاستحاضة. قالوا: فهذه تجلس قدر عادتها، وتدع الصلاة والصيام، وتعد حائضًا، أي في هذه الفترة. فإذا انتهت عادتها، اغتسلت، وصليت، وعدت الدم الخارج دم الاستحاضة، أي بعد انتهاء المدة المعلومة، التي هي مدة العادة. طيب.
واستدلوا لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة: "أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسل وصلي." هذه الصورة الأولى، أو الثانية، وهي الصورة الأولى هنا. طيب.
الحالة الثانية هنا، وهي الثالثة المذكورة، إذا لم تكن لها عادة معروفة، لكن دمها متميز. بعضه يحمل صفة الحيض، يعني، قالوا: بأن يكون أسود أو تخين، أو له رائحة. والباقي يحمل صفة الاستحاضة، دم أحمر، ليس له رائحة. قالوا: ففي هذه الحالة، تُرد إلى العمد التمييز. لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: "إذا كان دم الحيض، فإنه أسود يُعرف، فأمسك عن الصلاة. فإذا كان الآخر، فتوضأ وصلي، فإنما هو عرق." طيب.
الحالة الثانية: المرأة ليس عندها عادة، ولكن تُميز. ما معنى "ليس عندها عادة"؟ ما معناه؟ أن الدم تارة يأتيها في أول الشهر، وتارة في أوسط الشهر. ما هو منتظم. ولكنها تُميز الدم، تُميزه الدم بأوصافه. فطرأ عليها أن صارت مستحاضة، فماذا تصنع؟ الجواب أنها ترجع إلى التمييز. إن لم تكن معتادة، ولكنها كانت مميزة لدمها، فإنها تعمل بالتمييز. ما معناه "تعمل بالتمييز"؟ تنظر في ذلك الدم الخارج، فإن كان دم الحيض بأوصافه المعلومة عندها، فإنها تكون حائضًا في هذه الحالة، إلى أن ترى أن الدم قد انقطع. أي الدم الذي قد عرفت أنه دم حيض، إذا انقطع، اغتسلت، وصلت، ولا تبالي بالدم الخارج، فإنه دم استحاضة. واضحة هذه الصورة الثانية؟ طيب.
ها هنا صورة قبل أن ننتقل إلى الحالة الثالثة، وهي من الصور التي وقع فيها خلاف. الصور الثلاث المذكورات لا خلاف فيها، ولكن الخلاف في الصورة الرابعة، وهي إذا اختلفت العادة والتمييز بالنسبة لامرأة ما. يعني، كان لها عادة، ثم مع الاستحاضة صار الدم يأتي في وقت آخر بأوصافه المعروفة. واضحة، جماعة؟ نتصور هذا أم لا؟
يعني، امرأة كانت عندها عادة وتمييز في وقت واحد، قلنا: إن اتفقت، تعمل بهما. إن اتفقت، يعني صارت، كانت من قبل، يأتيها الدم من أول الأسبوع، أو من أول الشهر، لمدة أسبوع. بعد الاستحاضة، صارت ترى الدم الذي تميزه بأوصافه المعروفة، الذي هو دم الحيض، يأتيها في منتصف الشهر. واضحة، جماعة؟ يأتيها في منتصف الشهر، لا يأتيها في أول الشهر. ففي هذه الحالة، هل تعمل بالعادة التي كانت من قبل، أي من أول الشهر لمدة أسبوع، أم أنها تعمل بالتمييز، وهي أنها ترى الدم، أي دم الحيض بأوصافه المعروفة عندها؟ واضحة هي صورة، جماعة؟ أم لا؟
هذه فيها خلاف بين أهل العلم، هذه المسألة. وهذه الصورة فيها خلاف بين أهل العلم. والأرجح عند العلماء، عند طائفة من أهل العلم، أنها تعمل بالتمييز. لماذا؟ لأن التمييز يقين، والعمل بالعادة ظن، ولا يعمل بالظن ويُترك اليقين. ويدل على هذا قول الله جل وعلا في كتابه الكريم: "ويسألونك عن المحيض، قل هو أذى." ويوضح جماعة أم لا؟ المحيض هو أذى. ومعنى "أذى"، كما قال العلماء، بأوصافه المعروفة. تُترك لأجله المرأة الصلاة وبقية الأشياء، إلى آخر. طيب.
قد جاء الوقت، فنذكر الحالة الثالثة، بإذن الله جل وعلا، في الدرس القادم. إلى هنا. سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت. أستغفرك وأتوب إليك. اشتركوا في القناة.