الدرس في عقد بيع المرابحة، ألقاها الشيخ عبدالله بن مرعي العدني
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فهذا جواب سؤال عن عقد يعقده بعض البنوك مع الناس سموه (عقد بيع مرابحة) وبعد الإطلاع عليه وجدت عليه الملاحظات الآتية :-
1. فيه إبرام العقد بين طرف البنك والطرف الطالب للبضاعة قبل ملك البنك للبضاعة وحيازته لها وهذا لا يجوز لما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تبع ما ليس عندك } رواه أحمد والأربعة عن حكيم بن حزام رضي الله عنه وصحَّ النهي عن بيع السلعة قبل قبضها فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال (لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافاً يعني الطعام يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم ) رواه البخاري ومسلم وفي لفظ لمسلم (... فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه ).
2. قولهم (إذا تأخر الطرف الثاني عن تسديد أي قسط في موعده المحدد ... إلى آخره ) .
هذا الشرط غير صحيح وقد أفتت اللجنة الدائمة أن مثل هذا الشرط غير صحيح لأنه ينافي مقتضى العقد وهو التأجيل الذي استحقت به الزيادة وإذا كان المدين معسراً فإنه يجب إنظاره عملاً بقول الله عز وجل (( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )) (280) سورة البقرة , \"فتاوى اللجنة الدئمة 13/182\" .
3. قولهم ( وعليه فإن أجور التفريغ والرسوم الجمركية ... إلى آخره ) هذا يؤكد أن شراء البنك للبضاعة شراء صوري وليس حقيقياً لأنه لم يحصل حقيقة الملك والقبض لهذه البضاعة من البنك بل حقيقة الأمر أن البنك متبرئ من تبعات الملك حريص على النسبة الزائدة فقط التي هي عين الربا وأن الطرف الثاني الطالب للبضاعة القابل للشرط هو المشتري الحقيقي وهو محتاج للمال فقط ولو بالنسبة الزائدة التي هي عين الربا والله المستعان .
وهنا نذكّر وننصح بأهمية سؤال أهل العلم واجتناب مثل هذه المعاملات المحرمة وعدم إعانة أهلها سواء أهل الربا الصريح الذين يطلبون الدين مع الزيادة أو من يتعامل بمثل هذه الصور الخفية فالحذر الحذر من التعامل بالربا والتحيل عليه فهو سبب للعنة الله ورسوله فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء } رواه مسلم وهي سبب لنزع البركة وذهاب المال والتجارة فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة } . رواه ابن ماجه وهو صحيح وفي لفظ للحاكم { الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى أقل}.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الربا ثلاثة وسبعون باباً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم } رواه الحاكم وله شواهد وذكره الألباني رحمه الله في \"الصحيحة\" والحيلة لا تزيد الحرام إلا حرمة , وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ... قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه } متفق عليه , نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصدق التمسك بدينه وحسن الإتباع لنبيه صلى الله عليه وسلم .
كتـبـه /
أبو عبد الرحمن عبــد الله بــن عـمـــر بن مــرعــي بن بريك
أبو عبد الله عبــدالرحمن بــن عـمـــر بن مــرعــي بن بريك
السبت
26 / ربيع أول / 1425 هـ