كتاب الطهارة 14

الدرس في كتاب الطهارة 14، ألقاها

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. ثم أما بعد، كنا في الدرس الماضي تكلمنا عن بعض مسائل الوضوء، وقرأنا المسألة الثانية والمسألة الثالثة. وقبل أن ندخل في المسألة الرابعة، هنا تنبيه. وهو في المسألة الثالثة حينما ذكر أن النية شرط من شروط الوضوء، ذكرنا في الدرس الماضي أن هذا مجمع عليه، وهذا وهم مني، والصواب أن في المسألة خلافًا. فمن أهل العلم من ذهب إلى أن النية ليست بشرط لا في الوضوء، ولا في الغسل من الجنابة، ولا في التيمم. وهذا القول ذكر عن الأوزاعي وغيره، وقول آخر هو قول أبي حنيفة والثوري أن النية ليست بشرط في الوضوء، ولكنها شرط في التيمم. والصواب ما عليه جمهور أهل العلم من أنها شرط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

طيب، ندخل في مسألتنا. قالوا المسألة الرابعة: فروض الوضوء. أي أعضاؤه وهي ستة. واحد، غسل الوجه بكامله. غسل الوجه بكامله لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم." ومنه المضمضة والاستنشاق لأن الفم والأنف من الوجه.

طيب، قولهم فروض الوضوء. أي فروض الوضوء الذي لا يصح الوضوء إلا به. ففروضه، أي الأعضاء التي يجب للمتوضئ أن يغسلها. قالوا: أولًا، غسل الوجه بكامله. بمعنى أنه يجب على من توضأ أن يستوعب غسل الوجه. وضابط الوجه كما ذكر العلماء رحمهم الله تعالى، قالوا: من الانحناء الذي في أعلى الرأس إلى الذقن. ومنهم من قال: من منبت الشعر إلى الذقن. ومعنى "منبت الشعر"، كما نبه بعض أهل العلم، المراد عادة من منبت الشعر أي عادة. لماذا عادة؟ لأن بعض الناس ربما كان أجله، أي حاسر الشعر، وكذلك ليدخل من كان أقرع. الأقرع، أين سيكون منبت الشعر؟ الصواب أنه من أصل منبت الشعر عادة وهو عند الانحناء الذي يكون من الرأس إلى الجبهة. هذا هو الأصل، هذا طولًا، إلى الذقن. وعرضًا قالوا: من الأذن إلى الأذن. إذن، طولًا من منحدر الرأس أو من منبت الشعر عادة إلى الذقن. وعرضًا من الأذن إلى الأذن.

طيب، ذكرنا أن من كان أقرعًا أو كان حاسرًا، أجلح، يعني حاسر الرأس، شعره نبتا لكن متأخرًا عن مقدمة الرأس. فهل يتوضأ من منبت الشعر؟ الجواب أنه يتوضأ من منبت الشعر عادة، أي عند الناس. فإذا كان شعره مثلًا هاهنا، فوق الوجه مثلًا، كما يقال بنانة، اثنتان، ثلاث، يبدأ من ماذا؟ يبدأ من أصل الوجه. كذلك من كان أقرعًا، يبدأ كذلك من أصل الوجه الذي هو عادة وجوه الناس إلى أسفل الذقن.

طيب، بعض الناس يسمونه أفرع، يعني شعره يكون نازلًا إلى قريب الحاجبين. فهذا من أين يبدأ أيضًا؟ الجواب أنه كذلك يبدأ من منبت الشعر عادة. ومعنى هذا أنه يدخل شيئًا من الشعر الذي قد نزل على الوجه. الأقرع من نفس المكان. وكذلك، كما سمعتم، من كان شعره قد نزل إلى قريب من حاجبه، كذلك يغسل ويدخل في ذلك الشعر النازل على الوجه. فإذا الضابط في الوجه هو ما سمعتمه، من منحدر الرأس أو من منبت الشعر عادة إلى الذقن. وكذلك عرضًا كما سمعتم، من الأذن إلى الأذن. ويدخل فيه كذلك من الأذن إلى الأذن، كما ذكر من ذكر من أهل العلم، البياض الذي يكون قبل الأذن. يدخل فيه الغسل في غسل الوجه لأنه داخل في عموم الوجه. لأنه كما سمعتم، من الأذن إلى الأذن.

وسيأتي الكلام بإذن الله تعالى على مسألة اللحية، وهل تُغسل أم لا؟ سيأتي الكلام عليها في بابها. فغسل الوجه كما ذكروا يجب أن يكون كاملًا، أن يكون كاملًا غسلا كاملا مستوعبا لجميع الوجه. لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم." هذا أمر من الله رب العالمين، أن من قام إلى الصلاة يجب عليه أن يغسل وجهه. قالوا: منه المضمضة والاستنشاق. المضمضة والاستنشاق. وعللوا ذلك فقالوا لأن الفم والأنف من الوجه. وهذا القول والأكمل والأسلم والأحوط أن الإنسان إذا توضأ، تمضمض واستنشق. ويكون بذلك قد خرج من خلاف الذي هو موجود في أصل المسألة. وكما تعلمون أن الدرس يحضره ويسمعه طالب العلم وغير طالب العلم، فنكتفي بمثل هذه الإشارات. نكتفي بمثل هذه الإشارات.

طيب، الأمر الثاني: غسل اليدين إلى المرفقين. غسل اليدين إلى المرفقين. الأمر الثاني من واجبات، أي من فروض الوضوء. قالوا: غسل اليدين إلى المرفقين، لقوله تعالى: "وأيديكم إلى المرافق." والمرفقين بكسر الميم وفتح الفاء. ويجوز العكس، والأول أشهر وأفصح. المرفق، والمرفقين، والمرفقان، هما العظمان المتصلان المجتمعان بين الساعد والعضد. يجمعان بين الساعد والعضد. إنسان إذا اتكأ ووضع يده على رأسه، اتكأ عليه. يسمى ماذا؟ مرفق. فالعظام المرفقة هذه، نعرفها جميعًا. في مؤخرة الساعد وبداية العضد. فالله جل وعلا قال في هذه الآية: "وأيديكم إلى المرافق." أي أن الإنسان يجب عليه كذلك أن يغسل يديه إلى المرافق. لأن هذه الآية، آية الوضوء، ذكر فيها أركان الوضوء وفرائض الوضوء التي لا يصح الوضوء إلا بها، وهي الأعضاء الأربعة: الوجه، واليدين، والرأس، والقدمين. فقولهم غسل اليدين إلى المرفقين. والمراد بغسل اليدين إلى المرفقين، على الصحيح، بمعنى أن يدخل المرفقان في الغسل. أن يدخل المرفقان في الغسل. ليس المراد الغاية، أي إلى المرفقين أي قبل المرفقين، ولكن المراد به استيعاب المرفقين. الواجب استيعاب المرفقين. وقد دل على هذا الأحاديث الكثيرة التي بينت صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه توضأ، فغسل، تمضمض، وغسل وجهه. ثم غسل يديه، قال حتى شرع في العضد، حتى شرع في ماذا؟ في العضد. تعرفون العضد. حتى شرع في ماذا؟ في العضد. وغسل رجليه حتى شرع في الساق. ثم قال: "هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ." هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. إذن قول الله جل وعلا: "وأيديكم إلى المرافق." أي المرافق تكون داخلًا في الغسل، في غسل اليدين. تكون داخلًا في غسل اليدين.

ومن أين يبدأ في غسل اليدين؟ من العضد أو من أطراف الأصابع؟ الأمر في هذا واسع. الأمر في هذا واسع، سواء بدأ بهذا أو بدأ بالثاني. الأمر في ذلك واسع. وإن كان بعض أهل العلم يستحب أن يبدأ من العضد، لما جاء في بعض الأحاديث أن الخطايا تخرج من الأصابع، تخرج من الأصابع. فهذا قد يشير إلى أنه يبدأ من العضد. وبعضهم عكس، قال لا يلزم من هذا فالأمر واسع. إذا غسل وابتدأ من أصابعه إلى المرفقين أو من المرفقين إلى الأصابع، فالأمر في ذلك واسع. والله جل وعلا يقول: "وأيديكم إلى المرافق." ففي إشارة لطيفة إلى أنها تبدأ من جهة الأصابع إلى المرفقين. تبدأ من جهة الأصابع إلى المرفقين. وكما سمعتم، الأمر في ذلك واسع. الأمر في هذا واسع. فالواجب في غسل اليدين كذلك استيعاب الغسل من أطراف الأصابع إلى العضد، إلى المرفقين. باستيعاب غسل المرفقين.

الثالث، قالوا: مسح الرأس كله مع الأذنين. لقوله تعالى: "وامسحوا برؤوسكم." وقوله صلى الله عليه وسلم: "الأذنان من الرأس." فلا يجزئ مسح بعض الرأس دون بعضه.

طيب، أولًا، قولهم مسح الرأس كله. هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، أن الواجب في مسح الرأس أن يستوعب مسح الرأس، أن يستوعب مسح الرأس. وكما جاءت كذلك الأحاديث في ذلك. ومن أوضحها ما جاء في حديث عبد الله بن زيد ابن عاصم في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، فبدأ بمقدم رأسه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه. يعني الصورة الأكمل، أن الإنسان يأخذ الماء لمسح رأسه بكفه، فيبدأ بمقدم رأسه، فيستوعب المسح. يمر بيديه بكفيه على كامل الرأس إلى قفاه، ثم يرد اليدين إلى المكان الذي بدأ منه، فيكون بذلك مستوعبًا لمسح الرأس. مستوعبًا لمسح الرأس.

طيب، وقولهم مع الأذنين. كذلك أهل العلم، أو جماعة من أهل العلم، يقولون بأن مسح الأذنين واجب، واجب لأنهما من الرأس. وإذا كانت من الرأس، فإذا تدخل في عموم قول الله جل وعلا: "وامسحوا برؤوسكم." واستدلوا على ذلك ما جاء في الحديث الذي أشاروا إليه هنا: "الأذنان من الرأس." وهو جاء عن جماعة من الصحابة. جاء عن جماعة من الصحابة. ومن أهل العلم من يحتج بهذا الحديث، ومنهم من لا يحتج بهذا الحديث. ولا شك ولا ريب أن الأكمل، والأسلم، والأحوط أن يمسح كذلك أذنيه. لأن مسح الأذنين، لا خلاف أنه مستحب، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. وإنما الخلاف على الوجوب.

وكما ذكر العلماء رحمهم الله تعالى، أن الهيئة المستحبة في مسح الأذنين، هو أن يدخل السبابتين في أذنيه ويمسح بالإبهامين ظاهر الأذن. يمسح بالإبهامين ظاهر الأذن، يعني بهذه الهيئة. يضع السبابتين، أو السباحتين، داخل الأذن، ثم يمسح ظاهر الأذن بالإبهامين. كما جاء في ذلك حديث، ومنه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم. وفيها أنه قال: "وأدخل أصبعيه السبابتين في أذنيه، ومسح بإبهامين ظاهر أذنيه." ومسح بإبهامين ظاهر أذنيه. والحديث رواه أبو داود وغيره، ويسناده حسن.

طيب، قولهم فلا يجزئ مسح بعض الرأس دون بعضه. يعني الصحيح، كما سمعتم، تعميم مسح الرأس. الصحيح من أقوال أهل العلم، أن يُعمم مسح الرأس. فلا يجزئ أن يمسح جزء من الرأس، كما يفعل بعض الناس، يأخذ الماء فيمسح مقدمة رأسه فقط أو جزء من رأسه أو ما شابه ذلك. الصحيح أنه يجب التعميم، يجب التعميم. فيمسح الرأس كما ذكرنا. وبعض أهل العلم يقول: لا بأس في حالة، أو في بعض الحالات، أن يمسح بعض الرأس. وذلك إذا كان يلبس العمامة، وكان جزء من الناصية ظاهرًا، فلا بأس. لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم، أنه مسح بناصيته وعلى العمامة. مسح بناصيته وعلى العمامة. ففي مثل هذه الحالة، لا بأس أن يمسح بالناصية والناصية مقدمة الرأس، الشعر الذي في مقدمة الرأس، مع العمامة. وهذا كذلك من السنن التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم. وكذلك من السنن التي ثبتت عنه في مسح الرأس، إذا كان عليه عمامة، أن يمسح الرأس، أن يمسح العمامة. فلا يحتاج إلى أن يخلع العمامة. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح رأسه، إذا لم يكن عليه عمامة، واستوعب المسح. عمم المسح. الثانية، إذا كان عليه عمامة، فظهرت ناصيته أو شيء من الناصية، مسح على الناصية وعلى جميع العمامة. والصورة الثالثة، إذا كان على الرأس عمامة، يمسح على العمامة، ولا يحتاج إلى أن يخلع العمامة، ولا يحتاج كذلك إلى أن يمسح شيئًا من الرأس. إذا كانت العمامة على الرأس، يمسح على العمامة، ويجزئه ذلك، ويجزئه ذلك عن المسح.

طيب، قوله فلا يجزئ مسح بعض الرأس دون بعضه، كما تقدم.

الرابع، قالوا: غسل الرجلين إلى الكعبين. غسلوا الرجلين إلى الكعبين، لقوله تعالى: "وأرجلكم إلى الكعبين." وكذلك غسل الرجلين، القول فيه أن يستوعب غسل القدمين ويدخل في ذلك الكعبين. ويدخل في الغسل، أو في الغسل، أو يدخل في غسل الرجلين الكعبين. والكعبان هما العظمان الناتئان أعلى القدم وأسفل الساق. العظمان الناتئان أعلى القدم وأسفل الساق، يقال لهم ماذا؟ يقال بأنهم الكعبان. فإذا توضأ الإنسان، غسل قدميه إلى الكعبين، ويستوعب غسل الكعبين. كما ذكرنا في حديث أبي هريرة السابق، أنه غسل رجليه حتى أشرع في الساق، وقال: "هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ." هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ. فالواجب في الرجلين الغسل، أن يغسل الرجلين، كما هو واضح في قول الله جل وعلا: "وأرجلكم إلى الكعبين." وكما جاءت في ذلك الأدلة الكثير المتكاثرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه غسل رجليه. وكما جاء كذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر، وجاء كذلك عن عائشة في مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ويل للأعقاب من النار." حينما رأى بعض أصحابه لم يستوعب غسل الرجلين، قال: "ويل للأعقاب من النار." فينبغي للإنسان إذا غسل رجليه، أن ينتبه لهذا الأمر، أي استيعاب غسل الرجلين، استيعاب غسل اليدين، استيعاب غسل الوجه، استيعاب غسل أو مسح الرأس، وهكذا.

قال الخامس: الترتيب. لأن الله تعالى ذكره مرتبًا، وتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبًا، على حسب ما ذكر الله سبحانه: الوجه، فاليدين، فالرأس، فالرجلين. كما ورد ذلك في صفة وضوءه صلى الله عليه وسلم، في حديث عبد الله بن زيد وغيره. وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، أنه يجب الترتيب في الوضوء. ومعنى الترتيب في الوضوء، أن يبدأ بأعضاء الوضوء الأول فالأول، على ما جاء ذكره في كتاب الله جل وعلا. "فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم، وأرجلكم إلى الكعبين." فيبدأ بغسل الوجه، ثم اليدين إلى المرفقين، ثم يمسح الرأس، ثم يغسل الرجلين. وقد استدل جماعة من أهل العلم بالآية، بآية الوضوء، والأمر فيها على هذا المعنى. استدل جماعة من أهل العلم بآية الوضوء، والأمر فيها على هذا المعنى، أن الأمر في الآية يدل على أن أعضاء الوضوء هي المذكورة الأربعة، وعلى أن الترتيب مراعى فيها. وذلك لأن الله جل وعلا ذكر عضوًا، وهو المسح، بين عضوين، وهما الغسل. وفي هذا إشارة إلى وجوب الترتيب. إذ أن العرب لا تفرق بين مجتمع إلا لغرض، لا تفرق بين مجتمع أو متجانس إلا لغرض. وقد جاء كذلك في حديث رفاعة بن رافع، حديث المسيء في صلاته، عند أصحاب السنن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "توضأ كما أمرك الله، فاغسل وجهك ويديك إلى المرفقين، وامسح برأسك، ورجليك إلى الكعبين." فهذا أمر كذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين الأمر الذي في القرآن.

فالحاصل أن الصحيح من أقوال أهل العلم، وهذا قول جمهور أهل العلم، أن الترتيب في الوضوء واجب.

طيب، السادس: الموالاة. بأن يكون غسل العضو عقب الذي قبله مباشرة، بدون تأخير. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ متواليًا. ولحديث خالد ابن معدان، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم، لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء.

قالوا: فلو لم تكن الموالاة شرطًا، لأمره بغسل ما فاته، ولم يأمره بإعادة الوضوء كله. قالوا: اللمعة، الموضع الذي لم يصبه الماء في الوضوء أو الغسل.

طيب، يا جماعة، قبل أن نتكلم على حديث خالد ابن معدان، عندكم خالد ابن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. هل أحد عنده في نسخة هكذا؟ ها، يا جماعة؟ من عنده في نسخة عن خالد ابن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا أحد؟ طيب، إذن، قولوا الصواب. قولوا الصواب، لحديث خالد ابن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وخالد ابن معدان تابعي، وخالد ابن معدان تابعي، وروى هذا الحديث، كما عند الإمام أحمد وأبي داود وغيرهم، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. إذن، الحديث هو من حديث بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والحديث حسن.

والحديث دليل من أقوى أدلة القائلين بوجوب الموالاة، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث، رأى رجلًا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة،

 أي مكان لم يصبه الماء، تظهر عليه ماذا؟ لمعة، قالوا: قدر الدرهم، لم يصبها الماء، فأمره أن يعيد الوضوء. فكون النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمر ذلك الرجل بأن يعيد الوضوء، ولم يأمره بأن يغسل فقط ذلك العضو الذي رأى فيه اللمعة، يدل على أن الموالاة واجبة. يدل على أن الموالاة واجبة. إذ لو لم تكن واجبة، لقال له: اغسل رجليك وصلّ. فكون النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بإعادة الوضوء، ويلزم من ذلك كذلك أن يعيد الصلاة، يدل على وجوب الموالاة.

نكتفي بهذا القدر إلى هنا. سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

  • 12 جمادى الآخرة 1433هـ - 03/05/2012مـ
  • 6.63MB
  • 28:58

شاركنا على