الدرس في كتاب الطهارة 7، ألقاها
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، ثم أما بعد.
دخلنا في الباب الثاني وهو باب الآنية، ومر معنا فيما مضى المسألة الأولى والثانية والثالثة. المسألة الأولى والثانية، ونحن اليوم بإذن الله جل وعلا في المسألة الثالثة. قالوا: المسألة الثالثة آنية الكفار، ومعنى آنية الكفار أي الآنية التي يستخدمها الكفار. ما حكمها؟ أي هل يجوز استخدام الآنية التي يستخدمها الكفار؟ ومثال لذلك، مثلاً، من كان من أهل الإسلام في بلاد الكفر وكان له جيران من الكفار فدعوه إلى طعام في آنيتهم، أو أرسلوا إليه طعامًا في آنيتهم، أو شرابًا في آنيتهم. هل يجوز أكل الطعام والشراب؟ الأمر في الأكل والشرب واضح: حلال. وقلت لاقيا: هل يجوز استخدام هذه الآنية؟ وما حكم تلكم الآنية من حيث الطهارة وعدمها ومن حيث الحل؟ فهذه المسألة لأجل هذا الأمر. قالوا: الأصل في آنية الكفار الحل. من أين لنا هذا الأصل العام؟ ما هو الأصل العام؟ الأصل العام هو بأن الأصل في الأشياء الإباحة، فيكون كذلك الأصل في الآنية مطلقًا الإباحة. هذا أصل فلا يخرج عن هذا الأصل إلا بماذا؟ إلا بدليل. لا يخرج عن هذا الأصل إلا بدليل. قالوا: إلا إذا علمت نجاستها. الأصل في آنية الكفار الحل، إلا إذا علمت نجاستها. بمعنى أنه يجوز للإنسان استخدام الآنية التي هي من أواني الكفار، إلا في حالة واحدة. ما هي هذه الحالة؟ أن يعلم أن هذه الآنية نجسة، أن يوضع فيها لحم خنزير، ثم ينقل لحم الخنزير ويعطى وهو يرى. الآن علم أنها نجسة. علم أنها نجسة. في هذه الحالة لا يجوز استخدامها إلا بعد تطهيرها بالغسل، كما سيأتي بإذن الله جل وعلا. قالوا: فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد غسلها. إذن، الأصل في آنية الكفار الحل، إلا إذا علمت نجاستها. فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد غسلها. ما الدليل؟ قالوا: لحديث أبي ثعلبة الخشني، قال: قلت يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب. أفنأكل في آنيتهم؟ قال: لا تأكل فيها، إلا أن لا تجد غيرها، فاغسلوها ثم كلوا فيها. وهذا الحديث فيه دلالة لهذا المعنى، ووجه الدلالة تظهر وتتضح بما رواه الإمام أبو داود، والحديث كما ترون في الصحيحين من حديث أبي ثعلبة الخشني. جاء في خارج الصحيحين في سنن أبي داود أنه قال: يا رسول الله، إنا بأرض قوم أهل كتاب، وإنا لنا جيران من الكفار، ويأكلون في آنيتهم الخنزير، ويشربون بها الخمر. فأفنأكل في آنيتهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تأكلوا فيها. إذن ما هو سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تأكلوا فيها، إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها ثم كلوا فيها؟ السبب أنه قد علم أن هذه الآنية مستخدمة في أشياء نجسة: أكل خنزير ونحوه، كذلك تستخدم في شرب الخمور وما شابه ذلك. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: لا تأكلوا فيها. إذا كان الأمر كذلك، فلا تأكلوا فيها، بمعنى ولا تشربوا فيها، إلا في حالة واحدة. ما هي؟ قال: إلا أن لا تجدوا غيرها. فماذا تصنعون؟ فاغسلوها، ثم كلوا فيها. إذن نستفيد من هذا الحديث. نستفيد من هذا الحديث أمورًا. الأمر الأول: أن آنية الكفار إذا علم أنهم لا يستخدمون فيها النجاسة، فالأصل فيها بأنها مباحة ولا تغسل، تستخدم مباشرة. الأمر الثاني: أننا إذا علمنا في آنية الكفار أنهم يستخدمون فيها شيء من النجاسات، كأكل الخنزير وكذلك أكل الميتة، أو شرب الخمور وما شابه ذلك، فماذا يصنع؟ الأصل أن يقال في هذا الأمر: أن الإنسان إذا وجد غيرها استخدم ذلك الغير. فإن لم يجد غيرها، استخدمها، ولكن بعد غسلها. استخدمها، ولكن بعد غسلها. فهذا خلاصة ما يقال في هذا الأمر. وإلا فإن للعلماء خلافًا في هذه المسألة، أي في آنية الكفار، هل هي نجسة أم هي طاهرة؟ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاغسلوها ثم كلوا فيها. ماذا يُعنى به؟ فبعض أهل العلم ذهب إلى أنها نجسة، واستدل بهذا الحديث، بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تأكلوا فيها، إلا أن لا تجدوا غيرها، فاغسلوها. قالوا: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: إلا ألا تجدوا غيرها، فاغسلوها. الغسل يدل على نجاستها. والبعض الآخر من أهل العلم قال: إنما كان الغسل لأجل ما فيه من القدر، لأن الكفار غالبًا لا يتحاشون من القاذورات. فلأجل هذا أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بما أمرهم من الغسل. ومن أهل العلم قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم بذلك لأجل ماذا؟ لأجل المبالغة في التطهير والاحتراز مما قد يكون. ومن أهل العلم قال بالإباحة إلا أن يعلم بأنها نجسة، فتُغسل لأجل النجاسة التي فيها. وهذا هو الصحيح. واضح الجماعة أم لا؟ الأصل الآن: إذا علم أنهم لا يستخدمون النجاسات، فالأصل فيها بأنها مباحة طاهرة. الأمر الثاني: إذا علم بأنهم يستخدمون فيها النجاسات، فلا بأس أن يستخدمها المسلم بعد أن يغسلها. الأمر الثالث: إذا لم يعلم هل يستخدمون فيها النجاسات أم لا، فالأولى والأفضل أن يغسلها. الأولى والأفضل أن يغسلها تحرزًا واحتياطًا. تحرزًا وماذا؟ واحتياطًا. طيب، قالوا: وأما إذا لم تعلم نجاستها، بأن يكون أهلها غير معروفين بمباشرة النجاسات أو بمباشرة النجاسة، قالوا: فإنه يجوز استعمالها، لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أخذوا الماء للوضوء، أخذوا الماء للوضوء أو للوضوء مما زادت امرأة مشركة، كما في الصحيحين من حديث عمران بن حسين، وفيه قصة. أشاهد منها أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا بامرأة مشركة ومعها مزادة من ماء، أي وعاء من جلد فيه ماذا؟ فيه ماء. فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، واستخدموا الماء الذي في تلك المزادة، وحصل ما حصل من الآيات في تلك المزادة، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم صب منها الماء وما نقص من تلك المزادة من الماء شيء. أشاهد منه أن الإناء من امرأة مشركة، والنبي صلى الله عليه وسلم استخدموا في ماذا؟ في الطهارة من غير أن يغسلوه. واضح جماعة أم لا؟ فاستدلوا به على أن الإناء إذا علم أن صاحبه لا يستخدم في النجاسات فإنه طاهر على الأصل، وإن كان صاحبه مشركًا. وإن كان صاحبه مشركًا. قالوا: ولأن الله سبحانه قد أباح لنا طعام أهل الكتاب وقد يقدمونه إلينا في أوانيهم. الله جل وعلا قال: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم"، فطعامهم حل لأهل الإسلام، ومعلوم أن الطعام إذا كان حلالاً لنا، فمعناه أنهم إذا دعوا المسلم أو إذا أرسلوا الطعام إلى المسلم، ولا سيما في البلاد الذي يتجاور فيه الكفار بالمسلمين، أو قل المسلمون بالكفار، فربما حصل شيء من هذا. فما يصنع الإنسان؟ كما تقدم، إن علم أن من حالهم التحرز من النجاسات، استخدمها مباشرة. وإن علم أنهم يستخدمون النجاسات، فيغسلها. وإن كان في شك، كما سمعتم، الأحوط أن يغسلها، من أجل ماذا؟ من أجل التحرز والاحتياط. قالوا: وقد يقدمونه إلينا في أوانيهم، كما دعا غلام يهودي النبي صلى الله عليه وسلم على خبز شعير وإهالة سنيخة، فأكل منها. عندنا بكسر السين، من عنده بفتح السين؟ من عنده بفتح السين؟ بفتح السين؟ طيب. أصواب أنه بفتح السين. يعني أولاً: الإهالة. الإهالة معناها الشحم أو ما أُذيب منه أو الزيت. كل هذا يسمى إهالة. قالوا: وكل ما تدم به كذلك يسمى إهالة. والسنيخة ويقال سنيخة، يعني يقال بفتح السين المهملة وكسر النون، ويقال كذلك بفتح السين وسكون النون وفتح الخاء، أي المتغيرة. ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم دُعي على خبز شعير وإهالة سنيخة، أي متغيرة، قد حصل لها شيء من التغير، فأكل منها. الشاهد منه ماذا؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من آنية الكفار. فيُحمل هذا على أن الآنية أن أولئك ممن علموا بأنهم يتنزهون من النجاسات. طيب، هذا خلاصة ما يقال في هذه المسألة. أن الأصل الطهارة والحل، إلا أن يعلم أنهم يستخدمون النجاسة، فيجب غسلها. وإن لم يعلم، فكما سمعتم، الأفضل أن يغسلها تحرزًا واحتياطًا.
المسألة الرابعة في هذا الباب: الطهارة في الآنية المتخذة من جلود الميتة. بمعنى ما حكم جلود الميتة؟ ما حكم استخدام تلك الجلود؟ معلوم أن جلود الميتة الأصل فيها أنها ماذا؟ الميتة إذا كانت ميتة، فإن الجلد يلحق بماذا؟ يلحق ببقية أجزائها من حيث الطهارة وعدمها. فإذا كانت الميتة نجسة، فيلحق بها كذلك ماذا؟ الجلد. يلحق بها الجلد. إذن هذه المسألة: ما حكم استخدام جلد الميتة؟ قالوا: جلد الميتة إذا دبغ جاز استعماله، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر"، كما جاء في صحيح مسلم وغيره من حديث ابن عباس. قالوا: لأنه صلى الله عليه وسلم مر على شاة ميتة، فقال صلى الله عليه وسلم: "هلا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به"، فقالوا: إنها ميتة، قال: "فإنما حرم أكلها". وهذا فيما إذا كانت الميتة مما تحلها الذكاء، وإلا فلا. يعني حاصل هذه المسألة هي كما سمعتم أن الأصل في الميتة أن الجلد يلحق بماذا؟ باللحم. الجلد يلحق باللحم، هذا قبل الدباغ. فإذا دبغ الجلد حصل له دباغة، والدباغة معروفة: تطهير لذلك الجلد، غسل لذلك الجلد، كما سيأتي، إما بماء وقرض، وإما بغيرها من المطهرات. إذا دبغ الجلد، هل يصير طاهرًا أم لا؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". وأي من ألفاظ العموم وقد دخلت عليها ماء، فيفيد ماذا؟ العموم. أيما إهاب دبغ فقد طهر. وفي الحديث الآخر قال: "فإنما حرم أكلها"، قالوا: هذا فيما إذا كانت الميتة مما تحلها الذكاء، وإلا فلا. وهذا أحد الأقوال في المسألة. يعني يقول هؤلاء: إن الدباغ ينفع ويؤثر في الجلد إذا كانت تلك الميتة مما يجوز أكلها. مما يجوز أكله. ما هو الذي يجوز أكله؟ جميع الحيوانات المباحة، من مباحة الأكل: الأغنام، الأبقار، الإبل، الغزلان، الحمير الوحشية وما شابه ذلك، مما هو معلوم. فيقوم مما ما كان إذا ذُكي طهر، فيجوز، أو بالدباغة يصير طاهرًا. وما كان لا يؤكل، وما كان من الحيوان لا يؤكل، فإن الدباغ لا يؤثر فيه. واضح جماعة أم لا؟ مثل ماذا لا يؤكل؟ الهر. واضح جماعة؟ مثل السعلب، الذئب، وما شابه ذلك. يقول: هذه وإن مات، وإن دُبغ من اليوم إلى اليوم الثاني، يبقى على نجاسته، لا يكون طاهرًا. قالوا: هذا فيما إذا كانت الميتة مما تحلها الذكاء، وإلا فلا. وهذا أحد الأقوال في المسألة. وهذا القول أحد الأقوال في المسألة، وهو التفريق بين ذكاء وبين دباغ ما يحل بالتذكية وبين دباغ ما لا يحل بالتذكية. فما يحل بالتذكية، إن مات ودبغ الجلد، يقولون: يصير طاهرًا. وما لا تؤثر فيه الذكاء، ومات أو لم يمت، يعني ولو ذُبح، ما تؤثر فيه الذكاء. إنسان يأتي إلى أسد، أو إلى سعلب، يذبح ويقول: بسم الله، ويذبح السعلب، ويقطع الودجين. هل يكون ذلك ذكاء شرعية يا جماعة؟ ما تكون ذكاء شرعية. لا تؤثر فيه الذكاء. إن أخذ جلد السعلب ودبغه طهر، وحاول يغسله إلى أن جعله نظيفًا إلى الآخر، هل يصير طاهرًا على هذا القول؟ يقول: لا يصير طاهرًا. وهو كما سمعتم قول في المسألة. وفي المسألة ذكر سبعة أقوال. فمنهم من ذهب إلى هذا، ومنهم من ذهب إلى أن جميع الجلود يدخلها الدباغة إلا الكلب والخنزير، ومنهم من قال: كلها إلا الخنزير. ومنهم من قال: كلها يدخلها الدباغة. وهذا هو الأظهر، وهذا هو الأظهر لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". وهذا الذي عليه جماعة من أهل العلم. هو قول اشتهر به قول الظاهرية، وذهب إليه جماعة من الشافعية وجماعة من الحنابلة، واختاره من المعاصرين العلامة الألباني. اختاره من المعاصرين العلامة الألباني، وهو الأظهر، لظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه، وكذلك لحديث أم حفصة رضي الله عنها وأرضاها، وقد جاء عن جماعة آخرين جاء عن جماعة آخرين هذا المعنى. قالوا: أما شعرها، أي شعر الميتة، أما شعرها، فهو طاهر، وهذا هو الصحيح، أي دبغ أو لم يدبغ. قالوا: أما شعرها فهو طاهر، أي شعر الميتة المباحة الأكل في حال الحياة. قالوا: أما اللحم، فإنه نجس، ومحرم أكله، لقوله تعالى: "إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس". فالحاصل أن شعر الميتة طاهر، وإن لم يدبغ، لماذا؟ لأنه ليس متصلاً بها، بل هو منفصل عنها. لذا يذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى، يقولون: ما كان حياة منفصلة عن الحيوان، كالشعر والعظام الخارجة، كالقرنين، وكذلك الأظلاف وما شابه ذلك، يعني الحافر، يقول: هل لها حكم الميتة أم لا؟ والصحيح الذي عليه جماعة من أهل العلم ورجعوا طائف من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية ومن القيم، أنه لا يكون تابعًا له، بل هو طاهر، يكون طاهرًا، هو الأظهر. والله تعالى أعلى وأعلم. واستدلوا على هذا المعنى بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق، حينما قال: "هلا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به"، فقالوا: إنها ميتة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإنما حرم أكلها". وإنما من ألفاظ الحصر والقصر عند علماء المعاني، وكذلك عند علماء أصول الفقه. فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإنما حرم أكلها"، معناه أن التحريم والنهي والنجاسة يعود إنما على ماذا؟ على الأكل، والأكل يقع على ماذا؟ على اللحم. واضح جماعة أم لا؟ الأكل يقع على ماذا؟ على اللحم. فقالوا: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإنما حرم أكلها"، يدل على أن غيرها مما ينتفع به لا يكون داخلاً في الحكم. على أن غيرها مما لا يؤكل، لا يكون داخلاً في حكم الميتة، فيجوز استخدامه والانتفاع به كالشعر وكما سمعنا القرون، وكذلك بالنسبة لقرن الفيل وما شابه ذلك. قالوا: ويحصل بتنظيف الأذى والقدر الذي كان في الجلد بواسطة مواد تضاف إلى الماء، كالملح وغيره، أو بالنبات المعروفة كالقرض أو العرعر ونحوهما. وذكر العلماء رحمهم الله تعالى أن كل ما تحصل به الطهارة فإنه يطهر، يعني مثل الصابون. إذا غُسل الجلد ونُظف بالصابون ونحوه، فإنه تحصل به معنى الطهارة. فالعبرة بتطهير ذلك الجلد من آثار الذابح أو من آثار السلخ. قالوا: وأما ما لا تحله الذكاء فإنه لا يطهر. وعلى هذا فجلد الهرة وما دونها في الخلقة لا يطهر بالدباغ، ولو كان في حال الحياة طاهراً. وهذا كما سمعتم القول مرجوح، وإن قال به طائفة من أهل العلم، وجلد ما يحرم أكله ولو كان طاهراً في الحياة فإنه لا يطهر بالدباغ. والصحيح أنه يطهر لعموم حديث: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". والخلاصة أن كل حيوان مات وهو من مأكل اللحم فإن جلده يطهر بالدباغ. وكل حيوان مات وليس من مأكل اللحم فإن جلده لا يطهر بالدباغ. هكذا الخلاصة التي خلصوا بها. وكما سمعتم، أن القول الأرجح والله تعالى أعلى وأعلم، أن كل جلد دبغ فقد طهر، لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". والله تعالى أعلى وأعلم.
وسبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.